للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد لأمهات المؤمنين أن يكن قريرات الأعين في بيت الرسول، وأن يعشن عيشة راضية في جو عائلي مقبول، وما دام الرسول عليه السلام هو خير أسوة لكافة المؤمنين، فمن واجبهم أن يمتعوا أزواجهم بما متع به رسول الله أزواجه أمهات المؤمنين: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}.

ومبالغة في إكرام الله لأزواج رسول الله، إذ اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ولم يرضين بفراق رسوله من أجل متاع الدنيا وزينتها، خاطبه الحق سبحانه وتعالى بأنه لا يحل له، من بعد ذلك الاختيار، إلا مقابلته من جانبه باختيار مثله، بحيث لا يزيد عليهن، ولا يبدلهن بغيرهن، ما عدا (ملك اليمين) الذي قد يؤول إليه من غنائم الجهاد، وذلك قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ}، وعقب على ذلك بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا}، وشعور أزواج الرسول عليه السلام برقابة الله عليه وعليهن ضمانة إضافية لهناء عيشهن، وإحسان بالغ من الله إليهن.

وقوله تعالى في نفس السياق: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}، توكيد لوصف (البشرية) الذي لا يعد وصمة، وإنما يعد كمالا، في حق (الإنسان الكامل) الذي هو الرسول الأعظم، فقد اصطفاه الله لرسالته، واختار أن يكون (بشرا رسولا)، وفيه إشارة إلى أن النظر إلى المخطوبة عند خطبتها جائز، وإلى أن حسن المرأة من جملة الدوافع الطبيعية للزواج بها، وإن اعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>