هذا العنصر لا حرج فيه في نظر الإسلام، لكن يجب أن يكون مدعما بعنصر (التدين) الذي هو صمام الأمان، من تقلبات القلوب وطوارئ الزمان.
ثم وجه كتاب الله الخطاب إلى المؤمنين من ضيوف الرسول، الذين يدعوهم الرسول لتناول الطعام عنده، ولقنهم آداب الضيافة، وفي طليعتها الميل إلى التخفيف في الجلوس والحديث، والانصراف بمجرد انتهاء المأدبة التي حضروها، حتى يتفرغ الرسول عليه السلام لرعاية أهله، إذ لأهله عليه حق. ونبه كتاب الله في نفس السياق إلى منع دخول بيوت النبي دون إذن منه، إبطالا للعرف الذي كان سائدا في الجاهلية بدخول البيوت من غير إذن أصحابها، ثم استمر في صدر الإسلام. كما نبه إلى منع (التطفل) دون دعوة سابقة، وإلى هذه المعاني مجتمعة يشير قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}، وهذا النص هو الذي يمنع الدخول إلى البيت دون إذن صريح، إذ لا بد من الدعوة والإذن في فتح الباب والدخول، وقوله:{إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}، أي: لا تحضروا وتنتظروا وقت نضج الطعام واستوائه دون سابق دعوة، {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا}، ثم قال تعالى:{فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}، أي: اذهبوا لحال سبيلكم، {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}، أي: لا تطيلوا الجلوس والتبسط في الكلام، بعد الانتهاء من تناول الطعام.
وبعد ما ميز كتاب الله ما هو سائغ ومقبول مما هو مرفوض