ومرذول، قال تعالى:{إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}، و (الإذاية) كل ما تكرهه النفس، وكما كان ذلك يؤذي النبي عليه السلام كان يؤذي أزواجه، لكن لما كان البيت بيت النبي صلى الله عيه وسلم والحق حقه أضيف ذلك إليه:{وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}، وهكذا وجه كتاب الله الخطاب إلى ضيوف الرسول في هذا الشأن، دفعا للأذى والحرج الذي كان يصيبه ويصيب أهله في بعض الأحيان، لكنه لم يكن يفصح عنه، لغلبة الحياء عليه صلى الله عليه وسلم.
وبهذه المناسبة لفت كتاب الله أنظار الذين تدعوهم الحاجة لمخاطبة أزواج الرسول، إلى أن الواجب يقضي عليهم بمخاطبتهن من وراء حجاب، لا وجها لوجه، فقال تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا}، أي حاجة، {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، أما الحكمة في هذا التدبير المحكم فقد بينها كتاب الله إذ قال:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، فطهارة القلوب من خواطر السوء، بالنسبة للرجال والنساء على السواء، مرهونة بالعفاف وغض البصر.
ولما انتهى كتاب الله من تفصيل القول في الحياة العائلية للرسول وهو على قيد الحياة، أعلن كتاب الله حكمه في مصير أزواج الرسول بعد أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، فحرم الزواج بهن من بعده على كافة المؤمنين، إذ هن بمنزلة أمهاتهم في الحرمة والحرمة إلى يوم الدين. يضاف إلى ذلك ما في هذا التدبير من توقير للرسول يتناسب مع عظيم منزلته، وسامي مكانته، وذلك قوله