للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، إشارة إلى أن أكثر من يتقلبون في نعم الله الظاهرة والباطنة لا يؤدون حق شكرها، بل هم في غفلة ساهون، حتى إذا ذهبت النعمة، وحلت النقمة، أفاقوا من غفلتهم، وندموا على سكرتهم، ولات حين مندم، {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (٧: ١٤) و (الشكور)، هو المتوفر على أداء الشكر، الباذل وسعه فيه، الذي يشغل به قلبه ولسانه وجوارحه، اعتقادا واعترافا وكدحا، حسبما عرفه جار الله الزمخشري، ومن شاء أن يكون من عباد الله الصالحين فليكن من هذا الفوج القليل.

ومن قصة آل داوود التي يتجلى فيها فضل الله ومقابلة فضله بالشكر، انتقل كتاب الله إلى قصة، (سبأ) التي يتجلى فيها فضل الله، لكن مع مقابلته بالجحود والكفر:

أما فضل الله على سبأ فينطق به قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ}.

وأما جحود سبأ وكفرهم بنعمة الله، وما نشأ عنه من تبدل الأحوال، والتعرض للدمار والزوال، فينطق به قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}، وقوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>