للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

يقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ}، أي: أن ما أكرم الله به قوم سبأ من خصوبة الأرض وجودة التربة، ونقاوة الهواء، واختلاف الزروع والأشجار، وتنوع الثمار، وامتداد الظلال وجريان الأنهار، يعد آية من آيات الله، الناطقة بقدرته وحكمته ورحمته، الباعثة على عبادته وشكره وطاعته: {جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ}، أي: أن مساكنهم تحف بها من جهة اليمين- كما تحف بها من جهة الشمال- بساتين خضراء، ومزارع فيحاء، على مد البصر، حتى كأن ما على اليمين من البساتين والمزارع يكون جنة واحدة، وما على الشمال منها يكون جنة واحدة أيضا، لاتصال تلك البساتين والمزارع بعضها بعض، وتداخل بعضها مع بعض، {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ}، أي أن كل ما حولهم كان لسان حاله يوحي إليهم بالإقبال على مائدة الله، والتمتع بالطيبات من الرزق، والشكر لله على نعمه المتواصلة، فقد أتم الله عليهم نعمته من جميع الوجوه، ولا يسعهم إلا أن ينهضوا بشكرها فرحين مبتهجين.

يقول الله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}، هذا تعقيب مستأنف، أوجز فيه كتاب الله وصف أرض سبأ ووصف أهلها، فالأرض أرض طيبة، وطيبها يصدق بكونها أرضا خصبة لا سبخة، وكون مناخها مناخا صحيا طيب الهواء، لا وخامة فيه ولا وباء،

<<  <  ج: ص:  >  >>