للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحقيقة (جنة) ولا بستانا. ثم عقب كتاب الله على ذلك بقوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}.

وبعدما تحولت مزارع قوم سبأ وبساتينهم الفيحاء إلى غابات وأدغال، وأصبحت قراهم المزدهرة وعمرانها المتصل في خبر كان، ولم يبق منها إلا الخراب والأطلال، تذكروا الله والتجأوا إليه، لكن كان أمر الله قدرا مقدورا، فاستبدلهم بعيشتهم الراضية، (معيشة ضنكا) كلها متاعب مضنية، تحتاج إلى ركوب أخطار عديدة، والتقلب في أسفار طويلة وبعيدة، لا يكفي فيها زاد ولا راحلة، ولا تنجو من مخاوفها ومفاجأتها أي قافلة، وبذلك جعلهم عبرة للمعتبرين يتحدثون بهم، ويتمثلون بمصيرهم المفجع قائلين، (تفرقوا أيادي سبأ) وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: عقابا على بطرهم وعدم شكرهم: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

وبين كتاب الله أن إبليس لا سلطان له على الخلق، وإنما يغزى ويغوي من اختار الغواية والضلال، وذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}، أي: لنكشف للناس عما سبق في علمنا من أمر المؤمن والكافر، {وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}.

ثم خاطب كتاب الله المشركين متحديا لهم، وطالبا منهم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>