عليها البشر، ألا وهي حبهم للشهوات وميلهم إليها، فهذه غريزة غرزها الله في طبع الإنسان، إغراء له، من جهة، على تحقيق المخطط الإلهي الحكيم، ودفعا له، من جهة أخرى، إلى إبراز شخصيته المتميزة الخاصة على وجه سليم، وبذلك لا يتنكر الإسلام لشهوات الإنسان المجبول على حبها، ولا يزدريها فضلا عن أن يطاردها، وإنما يتدخل الإسلام لإحاطتها بما يلزم لها من التهذيب، حتى لا تكون شهوات وحشية، وبما يلزم لها من الضبط، حتى لا تبقى شهوات فوضوية.
وهذه الشهوات القوية في نفس الإنسان العادي هي شهوة النساء اللاتي يوفرن لأزواجهن جوا من المودة والرحمة والاستقرار.
وشهوة البنين الذين هم زينة البيوت، وعصارة الأعصاب، ولباب الجهود، وثمرة الحياة بالنسبة للوالدين، والخلف الصالح، والذكرى الطيبة التي تبقى من بعدهما شاهدا ناطقا على مرورهما بموكب الأحياء.
وشهوة المال الذي هو أكبر وسيلة لقضاء الحاجات، وستر العورات، وتوفير أنواع الشهوات بما فيها شهوة البر وإسداء المعروف وعمل الخير، وهاهنا وقع اختيار التعبير القرآني على كلمة (القناطير المقنطرة) إشارة إلى أن النهم إلى المال لا يقف في الإنسان العادي عند حد، مادام هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى جميع الشهوات، ومادامت الشهوات كلها تتوقف عليه، ولا تتم إلا عن طريقه بدءا وختاما.
ثم شهوة الخيل الْمُسَوَّمَةِ التي تستهوي ما لا يُحصى من البشر