في مختلف العصور، والتي احتفظت بقوة إغرائها وجاذبيتها حتى بين أرقى الأمم وأكثرها حضارة وغنى، فضلا عما دونها، فتقام لها الملاعب، وتنظم لها أسواق الرهان، ويبذل فيها من الأموال الطائلة ربحا وخسارة ما تسير بذكره الركبان.
وشهوة الأنعام والحرث المتلازمين ملازمة الظل لصاحبه، فهذه الشهوة ترضي من حاجات الإنسان وغرائزه ما لا يتصور بدونه وجود ولا نماء، بل أن قوام حياته متوقف عليها كل التوقف ومرتبط بها كل الارتباط.
وقد عبر كتاب الله عن هذه الشهوات جميعا بأنها {مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. وإذن فلا متاع في هذه الحياة دون الحصول على القدر الضروري والحد الأدنى منها، وإذن فلا حرج في حصول الإنسان على متاعه الضروري منها كما قال تعالى:{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.
وكل ما هنالك أن الله تعالى الذي خلق لعباده ما في الأرض جميعا، ودعاهم إلى تناول الطيبات من الرزق يعرض على المؤمنين من عباده أنواعا ألذ وأبقى، وأدوم وأخلد، من شهوات الدنيا جميعا، ويعلمهم أن في استطاعتهم أن يستمتعوا بها أيضا في الحياة الآخرة، إذا ما أعدوا أنفسهم لها، ولم يقصروا اهتمامهم على شهوات الحياة الدنيا وحدها، فانهمكوا فيها وتهالكوا عليها دون حساب، وهذا هو معنى قوله تعالى:{وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ}. أي هل أخبركم بما هو أفضل من شهوات الدنيا كلها {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا