الجاهلين والمعاندين أصروا على تجاهل أمرها، وعدم الإقرار بها، فستفرض نفسها بحجتها البالغة عليهم جميعا، وذلك قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، ومن لوازم عموم الرسالة أن يتوجه الرسول إلى الإنسانية جمعاء بالتبليغ والتبشير والإنذار، وأن يكفهم عن الضلال ويرشدهم إلى الهدى على ممر الأجيال والأعصار، وبنفس المعنى سبق قوله تعالى في سورة الأعراف (١٥٨): {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}، وقوله تعالى في سورة الفرقان (١): {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}، و (البشارة) لمن أسلم وجهه لله بإحسان، و (النذارة) لمن أسلم وجهه للهوى والشيطان.
وأورد كتاب الله سؤالا عن موعد قيام الساعة، وهو أحد الأسئلة الغريبة التي يوجهها المتعنتون والمعاندون في كل مناسبة، لا بقصد الاسترشاد، ولكن بقصد التحدي والعناد، فقال تعالى حكاية عنهم:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولقن رسوله الجواب المناسب لهذا السؤال: {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ}، و (الميعاد) ظرف الوعد من مكان أو زمان، وهو هنا للزمان، ولم يخف كتاب الله وجود طائفة من الكافرين بلغ بها الجحود والعناد، والغلو في الكفر والإلحاد، ليس فقط إلى عدم الاعتراف بالقرآن، وإنكار ما تضمنه من العقائد الثابتة بالحجة والبرهان، بل إلى إنكار جميع الكتب السماوية والعقائد التي جاءت بها الأديان، وذلك قوله