ثم بين كتاب الله لرسوله الأعظم ما سيكون عليه يوم القيامة حال الأتباع والمتبوعين، والرؤساء والمرءوسين، الضالين منهم والمضلين، وهم يتبادلون الاتهام والملام، ويتراشقون بلاذع القول وقارص الكلام، وذلك قوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، أي: محبوسون في موقف الحساب بين يدي الله، {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ}، أي: لو رأيت تحاورهم وتناكرهم وتراجعهم في القول لرأيت مشهدا مريعا، وموقفا فظيعا:{يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}، وهم الأتباع، {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}، وهم القادة، {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}، وهم القادة، {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}، وهم الأتباع:{أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} أي: الأتباع، {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}، أي: القادة، ردا عليهم، {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا}، أي: أن الإجرام لم يكن من جهتنا، بل من جهة مكركم وخداعكم لنا، واحتيالكم علينا، وبث معتقداتكم الباطلة بيننا باستمرار، في الليل والنهار.
ولما رأوا العذاب رؤساء ومرؤوسين، استولى عليهم الذعر الندم، من الرأس إلى أخمص القدم، فبرزت آثاره على أسارير وجوههم، وأحاطت الأغلال بأعناقهم. أما القادة والرؤساء فمن