تُكَذِّبُونَ}، إذ الآخرة دار حساب وجزاء، لا دار تكليف وابتلاء.
وعاد كتاب الله إلى الحديث عن مزاعم أعداء الرسالة والرسول، وما يحدثونه من البلبلة في النفوس والعقول، وذلك قوله تعالى في وصفهم ووصف مزاعمهم الباطلة:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ}، والإشارة هنا إلى الرسول عليه السلام، {وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى}، والإشارة هنا إلى القرآن، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}، والإشارة هنا إلى الحق.
وهكذا انحصرت مزاعمهم ضد الرسالة والرسول في وجوب التقليد الأعمى لمعتقدات الجاهلية والتمسك بها، ورمي الرسالة بكونها مجرد كذب وسحر، دون الدخول في مناقشة محتوياتها، ومحاولة التصدي لإبطالها بالدليل والبرهان، علما منهم بأن رسالة القرآن وحدها هي التي تأخذ قصب السبق وتفوز في الرهان، لأن حجتها فيها، ودليلها منها، إذ لا كتاب أبين من كتاب الله، ولذلك وصف كتاب الله الآيات بأنها (بينات)، والحق أن موقف الذين تمسكوا بالشرك والكفر من العرب كان موقفا غريبا، فبعدما ظلوا قرونا طوالا منذ عهد إسماعيل يتطلعون إلى أن يبعث إليهم رسول، وينزل على رسولهم كتاب، مثل الأقوام الآخرين، {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ}، إذا بهم عندما أكرمهم الله بخاتم رسله، وأنزل عليه خاتم كتبه، يتنكرون له، ويكفرون به، ويعلنون الحرب عليه، وكان من