أحد، ولو كان من أقرب الأقربين، لأن كل واحد منهم ينوء بحمله الخاص، ولسان حاله يقول:(نفسي نفسي)، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى (٣٧: ٨٠){لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
وقوله تعالى خطابا لنبيه:{إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}، إشارة إلى أن الموعظة الحسنة إنما تحدث أثرها، وتؤتي أكلها على الوجه الأكمل، عندما يكون المستمع إليها والمنتفع بها ممن يؤمن بالله، ويؤدي حقوق الله، ومن فعل ذلك وأقبل على ممارسة العمل الصالح عادت بركته عليه، وانجر نفعه إليه، فعاش عيشة طيبة طاهر القلب، طاهر العرض، زكي النفس:{وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}، أما الله تعالى فهو غني عن عباده غنى مطلقا، بحيث لا تنفعه طاعتهم، ولا تضره معصيتهم، {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}، أي: إليه سبحانه مرجع الخلق أجمعين، العصاة منهم والطائعين، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}(٤٩: ١٨).
وتصويرا للبون الشاسع بين المؤمن وغير المؤمن، حتى إن الفرق بينهما يماثل الفرق بين الأعمى والبصير، قال تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}، ومثل كتاب الله أوهام الشرك وضلالات الكفر (بالظلمات)، وحقيقة الإيمان والتوحيد (بالنور)، فقال تعالى:{وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ}، أي: لا تستوي الظلمات والنور أبدا، وحيث أن مغالطات الشرك ووجوه الكفر