للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طريق ما جاءتهم به الرسل من التبشير والإنذار، وحيث أنهم وضعوا نعمة الله في غير موضعها، وأتوا بالمعذرة في غير وقتها، قيل لهم، جزاء كفرهم وكبرهم: {فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}.

وتعليقا على قوله تعالى هنا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}، قال جار الله الزمخشري: (إنه يتناول كل عمر يتمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر، إلا أن التوبيخ في العمر المتطاول أعظم) ونقل ابن كثير عن ابن عباس: أن العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم في هذه الآية هو ستون سنة، وهذا موافق للحديث الذي رواه البخاري في (كتاب الرقاق) من صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أعذر الله عز وجل إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة) ومعنى (أعذر إليه) أي بلغ به أقصى العذر.

ثم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، إشارة إلى أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولعلمه بخبث سرائر المصرين على الكفر المستحقين للعذاب، لم يفتح في وجوههم للرحمة أي باب.

ووجه كتاب الله الخطاب من جديد إلى كافة البشر، ولا سيما الجاحدين والمعاندين، مذكرا إياهم بأنه هو الذي خلقهم واستخلفهم في هذا الكوكب الأرضي السابح في الفضاء، وأنه هو الذي خصصه لهم وكيفه بشكل يتناسب مع حياتهم، ويستجيب

<<  <  ج: ص:  >  >>