للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}، فهم في عذاب دائم لا تخفيف فيه، حتى لا يتعودوا عليه، وهم يتمنون الموت السريع، لكن لا يجابون إليه، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} (٧٧: ٤٣)، وهم يملأون جهنم بصراخهم، طالبين العودة إلى ديارهم، زاعمين أنهم إذا رجعوا إليها سيعملون عملا صالحا، غير العمل الفاسد الذي درجوا عليه طيلة حياتهم، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (٢٨: ٦).

وقوله تعالى في وصفهم: {يَصْطَرِخُونَ فِيهَا}، مأخوذ من (الصراخ) الذي هو الصياح بجهد وشدة، ويلاحظ فيما حكاه كتاب الله عنهم في هذا السياق: {أخرجنا نعمل}، ما هم مطبوعون عليه من الأسلوب الجاف، والكلام النازل إلى حد الأسفاف، لكونه خاليا من كل أدب مع الله، والغريب في الأمر هو إصرارهم على ذلك حتى في الوقت الذي هم فيه أحوج ما يكون إلى فضل الله ورحمته، وهم بين يديه لا يستطيعون الإفلات من قبضته، فكان الرد عليهم أنسب ما يكون لطلبهم، إذ قال تعالى تأنيبا لهم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}، إشارة إلى أن الله تعالى قد أمهلهم ولم يعجل موتهم، عسى أن يتداركوا ما فاتهم، لكنهم استمروا على ما اعتادوه من التمرد والعصيان، ولم يفكروا لحظة واحدة في الانتقال من الكفر إلى الإيمان، لا عن طريق التأمل والتذكر والاعتبار، ولا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>