للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}، تعبير عما أخذوا يحسون به من سكينة وطمأنينة، ورضا واستبشار، عند حلولهم بجنات عدن، فقد فارقتهم الأحزان كلها، ولا سيما الحزن الأكبر الناشئ عن خوف العاقبة، ومن أجل ذلك هاهم يحمدون الله ويسبحون بحمده، ولفظ {الْحَزَنَ}، الوارد في هذه الآية بفتح الحاء والزاي هو لغة في (الحُزْن) بضم الحاء وسكون الزاي.

وقوله تعالى حكاية عنهم: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}، تعبير عما هم عليه من أدب مع الله، وإعلان (للاعتراف بفضله سبحانه، إذ هو الغفور الذي يغفر السيئات ولو كثرت، وهو الشكور الذي يثيب على الحسنات ولو قلت، وفيه كذلك تنبيه إلى أن الدنيا إنما هي دار مرور وعبور، وأن الآخرة هي دار القرار، لأنها دار الإقامة الدائمة والاستقرار. قال فخر الدين الرازي تعليقا على هذه الآيات الكريمة: (كما هدى الله المؤمن في الدنيا هداه في العقبى، حتى دعاه بأقرب دعاء إلى الإجابة، وأثنى عليه بأطيب ثناء عند الإنابة، فقالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وقالوا: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ}، اعترافا بتقصيرهم، وقالوا {شَكُورٍ}، إقرارا بوصول ما لم يخطر ببالهم إليهم، وقالوا: {أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}، أي: لا عمل لنا بالنسبة إلى نعم الله).

وعلى العكس من ذلك ما حكاه كتاب الله عن الكفرة الفجار، إذ قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>