الأخيار، وما ينتظرهم من فضله الكبير عند الانتقال من هذه الدار إلى تلك الدار، قال تعالى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}، والبدء بقوله تعالى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ}، قبل قوله، {يَدْخُلُونَهَا}، يؤدي معنى لطيفا: والمسارعة والمبادرة إلى تبشيرهم بحسن مصيرهم، فيفاجئون بما هو سار، من الأخبار، إذ ما أعظم الفرق بين دخول الجنة ودخول النار.
وقوله تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ}، الآية، يشعر بأن الجنة ليست دار تكليف وابتلاء، وإنما هي دار نعيم مقيم وسعادة وهناء، ولذلك تكون أيدي المنعم عليهم محلاة بالأساور، المرصعة باللآلئ والجواهر، ويزيد هذا المعنى توضيحا قوله تعالى على لسانهم في نفس السياق:{لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}، أي: لا يصيبهم فيها تعب، ولا يلحقهم فيها إعياء، لأنهم معفون في الآخرة من جميع التكاليف والأعباء.
وكما ورد هنا قوله تعالى:{يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} سبق في الآية الثالثة والعشرين من سورة الحج نفس النص ونفس النظير، وسيأتي في سورة الإنسان قوله تعالى (٢١): {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}، إشارة إلى أن حلية المنعم عليهم كما تكون من ذهب تكون من فضة، حسب مقاماتهم ودرجاتهم في الجنة، ولله الفضل والمنة.