للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وسيأتي في سورة الجاثية، قوله تعالى (١٢): {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

وكلمة " الذرية " هنا تصدق على الأبناء والآباء، لأن من الآباء تذرأ الأبناء، و"الفلك المشحون"، حمله بعض المفسرين على "سفينة نوح" التي كانت أول سفينة من نوعها، وكانت سفينة النجاة لنوح ومن حمل معه من ذرية آدم {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} (١٧: ٣)، وطبقا لهذا التفسير يكون وصف "الفلك" بالمشحون، لأن نوحا "شحن" فيه من كل زوجين اثنين، إبقاء على جملة من الكائنات الحية، حتى لا تتعرض للإبادة والفناء بفعل الطوفان، ولفظ " الفلك"، يستعمل في كتاب الله أحيانا بصفته مفردا كما جاء في هذه الآية، وأحيانا بصفته جمعا كما جاء في قوله تعالى (١٤: ١٦)، {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ}، الآية.

والمراد بقوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} ما ألهمه الله للبشر من بناء السفن الصغرى والكبرى لركوبهم لجج البحر، انطلاقا من سفينة نوح التي كانت بالنسبة للأوائل سفينة نموذجية، وفي هذه الآية تنبؤ صريح بما سيهتدي إليه الإنسان من بناء البواخر والبوارج التي تمخر البحار، وإيذان من الله بما سيظهر من طائرات الجو وسفن الفضاء، التي يمتطيها الإنسان في الليل والنهار، فهي وما شابهها تندرج كلها تحت قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ}، والتعبير فيه بصيغة الماضي: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ}، حق وصدق، لأن الله تعالى يعلم ما كان وما سيكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>