سؤالا ضخما لا يمكن أن يكون جوابه إلا بالتسليم، من كل ذي عقل سليم، فقال تعالى:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}، الذي عم خلقه كل شيء، وأحاط علمه بكل شيء، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
وختمت سورة (يس) بخاتمة كلها تسبيح وتقديس، واعتراف بحكمة الله الباهرة، وتمجيد لقدرته القاهرة، وتذكير بسطوته الباطنة والظاهرة، {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
والآن وقد انتهينا بحمد الله من تفسير سورة (يس) المكية ننتقل بعون الله إلى تفسير (سورة الصافات المكية) أيضا، قال تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا}.
هذا قسم من الله تعالى بملائكته، {الصَّافَّاتِ} بالملأ الأعلى في عبادته، و {الزَّاجِرَاتِ}، عباده عن معصيته، و {التَّالِيَاتِ}، كلامه المنزل على رسله لإرشاد الإنسان وهدايته، وهذه الصفة الأخيرة للملائكة جاءت هنا على غرار قوله تعالى فيما سيأتي في سورة المرسلات (٥ - ٦): {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا، عذرا أو نذرا}، وقال جار الله الزمخشري: " يجوز أن يقسم الله بنفوس العلماء العمال، {الصَّافَّاتِ}، أقدامها في التهجد وسائر الصلوات وصفوف الجماعات، {فَالزَّاجِرَاتِ}، بالمواعظ والنصائح، {فَالتَّالِيَاتِ}، آيات الله، والدارسات