وتمهيدا لحكاية الحوار الذي يدور بينهم في هذا المشهد الرهيب قال تعالى:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}.
فمن كلام الأتباع المخدوعين، وهم يخاطبون أئمة الكفر، حكى كتاب الله قولهم:{قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}، ولفظ {الْيَمِينِ}، هنا مستعار للقوة والقهر، كما حكى قول نفس الأتباع في التنديد والتشهير بما كان عليه أئمة الكفر من استبداد وطغيان:{بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ}.
ومن كلام أئمة الكفر الطغاة وهم يخاطبون الأتباع المخدوعين حكى كتاب الله قولهم:{قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ}، مقلدين بهذا الأسلوب في التضليل والتلبيس إمامهم الأكبر إبليس، إذ قال في مثل هذا المجال:{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}(٢٢: ١٤).
ثم سجل كتاب الله عليهم اعترافهم- بعد اللف والدوران -بجرمهم، واعترافهم بعدل الله في عقابهم على ظلمهم، فقال تعالى على لسانهم بالنسبة للاعتراف الأخير:{فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ}، أي: ذائقون عذاب الله لا محالة، وقال