وعن طريقها إرادة الحق سبحانه وتعالى في مجال الخلق والإبداع، مجال الأمر والاتباع {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}.
وهذه الأسرة الصالحة التي نفذت إرادة الله، وبلغت إلى الخلق أمره ونهيه، تعني أسرة الأنبياء والرسل، ممن أخذوا على عاتقهم هداية الخلق وتربيتهم، وتولوا نقل الأمانة التي اختار الله لحملها الإنسان، وعملوا على حفظها وصيانتها من كل ما قد يتسرب إليها، وقاموا بتجديد أمرها على مر الزمان.
وفي رأس القائمة لهذه الأسرة الروحية الكبرى التي تدين لها البشرية يرد اسم آدم، الأب الأول للبشر، واسم نوح، الرائد الأول للأنبياء والرسل، ثم يقع التنصيص بالخصوص على فرعين كريمين منها، تسللت فيهما وراثة النبوة وتناقلت في عقبهما الدعوة إلى الله والتبشير بدينه الحق، وهما آل إبراهيم وآل عمران، فهؤلاء جميعا انتدبهم الحق سبحانه وتعالى لتنفيذ إرادته وإبلاغ شريعته، وجزاء لهم على قيامهم بالواجب-طبقا لمقتضى الأمر الإلهي- فضلهم الله على العالمين، وخلد ذكرهم في الصالحين، وذلك قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
وها هنا يجب التنبيه إلى أن النظرة الإسلامية القرآنية في التفضيل والتفاوت بالنسبة لإنسان على آخر، وفريق على فريق، إنما تقوم في البداية، وتؤول في النهاية، إلى عوامل أخلاقية ونفسية بحتة، ترتبط بمجرد السلوك والعمل، فالتفضيل الإسلامي تفضيل معنوي روحي أخلاقي لا علاقة له بالجنس ولا باللون ولا بالبيئة