الاجتماعية التي ينتمي إليها الشخص، على حد قوله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
ومن طريف ما في هذه الآية الكريمة الإشارة الواضحة إلى الأثر العميق الذي تحدثه البيئة أيا كان مستواها على الأفراد المنتمين إليها، والمحتكين بها، فالتعقيب على الاصطفاء والاختيار بقوله تعالى:{ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} تنبيه إلى أن بيئة الصلاح والتقوى والبر، وتقدير المسؤولية، التي يعيش فيها الأبناء إلى جانب آبائهم، تؤثر في أبنائهم أبلغ وأعمق تأثير، وتطبعهم بطابع الاستقامة واليقظة، وتعدهم إعدادا خاصا لعمل الخير والتمسك بالفضيلة، وعلى العكس من ذلك بيئة الفساد والفسق والشر، والانحلال والإهمال، التي يعيش فيها الأبناء إلى جانب آبائهم، تترك في أبنائهم أثرا سيئا، لا يمحى، وتجعلهم أسرع الناس إلى المغامرة في مجالات الشر والرذيلة، تقليدا لآبائهم، وسيرا في طريقهم، وهكذا يحسن الأب الفاضل والأم الفاضلة إلى نفسهما وإلى ذريتهما أكبر إحسان، ويسيء الأب والأم المتنكران للفضيلة إلى نفسهما وذريتهما في حياتهما ومن بعد موتهما، أكبر إساءة.
ثم تحكي الآية على لسان امرأة عمران أنها نذرت لله الجنين الذي كان في بطنها، وسألت منه سبحانه أن يتقبل منها نذرها وذلك قوله تعالى:
{إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ومعنى هذا أنها التزمت بأن تقدم جنينها ووليدها، الذي هو فلذة كبدها، إلى المعبد، هبة لله، وقربة إليه ابتغاء مرضاته، وذلك لما هي عليه من