ذلك أن إبراهيم وابنه لما علما أن رؤيا الأنبياء من وحي الله، واستسلما لقضاء الله، الأول " إبراهيم " في قرة عينه، والثاني " إسماعيل " في نفسه، وتهيئا للعمل، ذاك بصورة الذابح، وهذا بصورة المذبوح، وكان ما كان من أمر إبراهيم امتثالا، ومن إسماعيل انقيادا، أكرم الله إبراهيم وابنه {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}، وإنما كان " عظيما " لأنه فداء لولد إبراهيم العظيم، وما أدراك ما إبراهيم وآل إبراهيم، {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}(١٢٤: ٢)، الآية، وبذلك رفع الحق سبحانه وتعالى عن إبراهيم وولده " الذبيح " محنة مزدوجة تعم الوالد والولد، ولا محنة أصعب منها ولا أشد، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}، ولو تمت تلك الذبيحة لكانت " سنة "، ولذبح أتباع إبراهيم أبناءهم، لكن الله سلم، فشرعت الأضحية في الإسلام، رمزا إليها وتذكيرا بها، وشكرا لله على نعمة الحياة التي أكرمنا بها، ودعانا إلى الحفاظ عليها، وأمر الله رسوله " بيوم الأضحى، فجعله عيدا لهذه الأمة " كما ورد ذلك في حديث شريف صححه ابن حبان.