للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعليقا على دعاء إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، قال فخر الدين الرازي: " اعلم أن الصلاح أفضل الصفات، بدليل أن الخليل عليه السلام طلب الصلاح لنفسه فقال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (٨٣: ٢٦)، وطلبه للولد فقال: {هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، وطلب سليمان الصلاح بعد كمال درجته في الدين والدنيا فقال: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (٢٧: ١٩)، وذلك يدل على أن الصلاح أشرف مقامات العباد ".

وكم كانت البشرى باستجابة دعاء إبراهيم سريعة معجلة، فضلا من الله وكرما، حيث قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}، وكلمة {غُلَامٍ}، تفيد أن المولود المتمنى على الله سيكون ذكرا، وأنه سيتجاوز مرحلة الطفولة ويبلغ الحلم، وكلمة {حَلِيمٍ}، تدل على أنه سيلقى من الابتلاء ما يحتاج إلى الحلم في تحمله، وبذلك يكون حليما مثل أبيه، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}، (٧٥: ١١) والوصف " بالحلم " يشعر بأن الغلام المبشر به في هذا المقام هو إسماعيل لا إسحاق، لأن الوصف بالحلم أنسب به أكثر من أخيه، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح فقال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

ومن الحديث عن تبشير الله لإبراهيم {بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}، انتقل كتاب الله فجأة إلى عرض الملحمة الكبرى التي ابتلى الله فيها هذا الغلام، ووالده " الإمام " فكانت مناسبة لامتحان مبلغ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>