القرآن، نستطيع أن نفهم روح التقوى، ونميز ملامح المتقين.
ومن المناسب في هذا المقام عقد مقارنة ولو على وجه الإجمال بين الوصف الذي وصف به كتاب الله أهل الجنة من {الْمُتَّقِينَ}، والوصف الذي وصف به أهل النار من الـ {طَاغِينَ}، فالآيات القرآنية في ختام الربع الماضي وبداية هذا الربع لم تعرج مطلقا على أي حديث يمكن أن يعتبر حديثا نابيا بين أهل الجنة فيما بينهم، لأنهم جميعا يعيشون عيشة راضية، وقد ألفت بينهم وحدة العقيدة، ووحدة السلوك، ووحدة المصير، {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}(٤٧: ١٥)، بينما الآيات التي تسجل مشاعر الـ {طَاغِينَ}، وهم في جهنم، وانطباعات بعضهم عن بعض، وردود الفعل للمحاورات والمجادلات التي يتبادلونها وهم يتلقون عذاب الله، كلها تصورهم وهم يتراشقون بالتهم والشتائم واللعنات، {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}(٣٨: ٧)، فعندما يفاجأ بعضهم بقدوم فريق جديد من الطاغين عليهم، ويقال:{هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ}، يرد ذلك البعض على هذه المقالة شامتا متشفيا ويقول:{لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ}، لكن الفريق الذي يسمع هذه التحية المنكرة، لا يلبث أن يرد على الشامتين تحيتهم، ملقيا عليهم مسؤولية التردي في هوة الشقاء والعذاب، {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ}، من المفارقات في هذا المشهد المفجع أنهم يتجهون إلى الله مهطعين خاشعين، داعين على من أضلهم وأغواهم، وأمسك بمقادتهم إلى النار: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ