والكبراء، وإن كان في رضاهم سخط الله، وفي الاعتماد عليهم شرك بالله، وذلك كله من أجل متعة مؤقتة مآلها إلى زوال، وفي سبيل منفعة عاجلة نهايتها إلى وبال، وإلى هذا الموقف المزري الذي يقفه ضعفاء الإيمان في وقفتهم الخاسرة، ومقابلتهم لطف الله بالجحود بدلا من الشكر، وبالإساءة بدلا من الإحسان، ينظر قوله تعالى في نفس الموضوع:{وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}: بينما المتحررون من ربقة الشرك الظاهر والخفي، ومن كل عبودية لغير الله، جاءتهم البشرى من الحق سبحانه وتعالى في قوله:{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}.
وتعالج آية أخرى من هذا الربع بالوصف والبيان، حالة الإنسان الكامل الذي أكرمه الله بقوة الإيمان بحيث لا تأخذه سنة الغفلة والنسيان، فهو قانت خاشع، معلق قلبه بين الخوف والرجاء، إذا خاف فإنه لا يخاف شيئا إلا عذاب الله، وإذا رجا فإنه لا يرجو أحدا وإنما يرجو رحمة الله، وذلك قوله تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، وأدرجت الآية {آنَاءَ اللَّيْلِ}، في هذا المقام بالخصوص وهو مقام الذكر والفكر، لأن ساعات الليل في الواقع هي أصلح الأوقات لسكون النفس، وطمأنينة القلب، وتركيز الفكر في مناجاة الرب، وهي أبرك اللحظات للتأمل في جلال الكون وجماله، وإدراك قدرة المكون وكماله. وكما ذكرت {آنَاءَ