للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّيْلِ}، في هذه الآية تنويها بقدرها، وإشارة إلى خفي سرها، فقد ذكرت مرة أخرى في قوله تعالى (١١٣: ٣): {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}.

وحيث أن أسمى غاية للعلم والمعرفة بالنسبة للإنسان هي الوصول إلى " الحقيقة الأولى " التي هي مصدر النور ومنبع الحياة، وربط الاتصال بها قلبا وقالبا، جاء كتاب الله ينوه بها، ويلفت النظر إليها، معتبرا أن كل علم لا يؤدي إليها، ولا يصل بصاحبه إلى إدراكها، إنما هو نوع من الجهل، بل هو " الجهل المركب الغليظ "، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، في أعقاب قوله تعالى: {سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، فمن لا يرجو الله ولا يخافه معدود بين الجهلاء، وإن كان عند نفسه وعند الناس من العلماء.

وتأتي آية خاصة في هذا الربع لتصف مآل الخاسرين، ثم تتلوها آية أخرى لتصف مآل الفائزين، غير أن الربح والخسارة في لغة القرآن لهما ميزان خاص، غير الموازين المتعارفة بين الناس، فالخاسرون في هذا الميدان هم أولئك الذين خرجوا من هذه الدار وقد ضيعوا رأس مالهم، وهو خلاص أنفسهم ونجاتها، وضيعوا الربح الذي كان على مقربة منهم، وهو خلاص أهلهم وذويهم ممن كانوا تحت ولايتهم، فلا هم اهتدوا في أنفسهم، ولا هم أعانوا على الهداية من كانوا إلى نظرهم من الأزواج والأولاد

<<  <  ج: ص:  >  >>