أما الفائزون الذين لم تلحقهم خسارة ولا إفلاس فهم على العكس من ذلك: أولئك الذين نجوا بأنفسهم فلم يخسروها، إذ صرفوا حياتهم- وهي رأس مالهم- في الرشد والخير والصلاح، ولم يخسروا أهليهم وذويهم، بل قادوهم إلى طرق الخير والبر، فكان ربحهم مضاعفا، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}، {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}.
وتمضي الآيات الباقية من هذا الربع في تعداد نعم الله على خلقه، ووصف مظاهر لطفه بهم ماديا وروحيا، والمقارنة بين نور الإسلام وظلمة الكفر، وآثار كل منهما في النفوس، حيث قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ}، وقال تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، ثم تمضي في استعراض خصائص القرآن العظيم الذي يجب أن يظل نبراسا للمسلمين إلى يوم الدين، ووصف ما خلع الله عليه من حلل المهابة والجلال، وجعل له من السيطرة على القلوب،