ومعنى قوله تعالى هنا:{مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}، حسبما روي عن سفيان بن عيينة، (أن سياقات القرآن تارة تكون في معنى واحد يشبه بعضه بعضا، فهذا من " المتشابه "، وتارة تكون بذكر الشيء وضده، أي في معنيين اثنين، كذكر المؤمنين ثم الكافرين، وكوصف الجنة تم وصف النار، وما أشبه هذا، فهذا من " المثاني " مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}(١٤: ٨٢). قال ابن كثير:" وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم عندما يسمعون كلام الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله، ولم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم، بل عندهم من الثبات والسكون، والأدب والخشية ما لم يلحقهم فيه أحد، ولهذا فازوا بالمدح من الرب الأعلى في الدنيا والآخرة، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم، والغشيان عليهم، وإنما هذا في أهل البدع، وهو من الشيطان ".
ومعنى قوله تعالى هنا في وصف كتابه العزيز:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}، أنه نزل بلسان عربي مبين لا التباس فيه ولا انحراف، ولا تناقض ولا اختلاف، على غرار قوله تعالى في