وانهزام الباطل، وبأن العقاب الإلهي يتدخل في نهاية الأمر، ليضع حدا لكذب المكذبين، وجدل المبطلين.
وها هنا يكشف الحق سبحانه وتعالى النقاب عن حقيقة كبرى قلما يلتفت إليها كثير من الناس، ألا وهي أن جميع ما خلقه الله من العوالم والأكوان، بما فيها من جماد ونبات وحيوان، يدين كله بالطاعة لله، ويسبح بحمده، ولا يجادل في آية من آياته، ما عدا شرذمة كافرة مستهترة من بني الإنسان، هي التي تجادل في آياته، وتقف موقف التحدي لتوجيهاته، وتتبرم بطاعته، وتتصدى لمعصيته، {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}، لكن الله تعالى يطمئن رسوله والمؤمنين في نفس الوقت على أن مصير الشرذمة من الكافرين، الذين يتظاهرون بالكبر والجبروت والاستعلاء، سيكون مصيرا مفجعا ومفزعا، وأن الثمرة الوحيدة التي سيجنونها من جدالهم في آيات الله، وتصديهم للكفر به، عنادا واستكبارا، لن تكون إلا الخيبة والبوار، والهزيمة المرة، في الدنيا أولا، والآخرة ثانيا {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ}، ولقد صدق الله نبيه وعده، عندما انهزم الشرك والمشركون في جزيرة العرب أولا، ثم في غيرها من بقية أطراف العالم ثانيا، وظهر الإسلام على غيره من المعتقدات الباطلة، في كثير من بقاع المعمور، وهاهو لا يزال يشق طريقه المرسوم، إلى أن يتم له النصر والظهور. وكما مرت في الربع الماضي آية خاصة في خاتمة سورة الزمر، تصف الملائكة وهم حول العرش يسبحون الله ويحمدونه (٧٥): {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ