يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}، جاءت في هذا الربع أيضا آية كريمة أخرى تهز أعطاف المؤمنين الصادقين، إذ في هذه الآية تحدث كتاب الله عن حملة العرش من الملائكة، وأنهم- علاوة على كونهم يسبحون بحمده سبحانه - يتطوعون بالاستغفار للذين آمنوا من أهل الأرض وفيها حكى كتاب الله نفس الأدعية التي يدعون بها ربهم وهم في الملأ الأعلى لخير المؤمنين، مما يعطي الدليل القوي على متانة " رابطة الإيمان " التي تجمع بين ملائكة السماء والمؤمنين في الأرض، ويوضح إلى أي حد بلغت درجة التعاطف والتجاوب بين هذين الفريقين من المؤمنين، وذلك قوله تعالى:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}، فها هنا يبين كتاب الله لكافة المؤمنين في الأرض أنهم ليسوا غرباء في هذا الكون ولا مجهولين، بل إن لهم إخوانا في الله يفكرون فيهم وفي مصيرهم، من عالم الملائكة والملأ الأعلى، ولا سيما بين حملة العرش المقربين إلى الله، فهاهم الملائكة إخوان المؤمنين يتوجهون إلى الله في أدب وخشوع، طالبين من الله لإخوانهم في الأرض، توبة من " واسع الرحمة " ومغفرة من " واسع العلم "، ممهدين للدعاء، بهذا النداء:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}، ثم يدعون لإخوانهم المؤمنين التائبين، الملتزمين للصراط المستقيم، بغفران الذنوب، والنجاة من الكروب، {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}، ولا يكتفون بهذا الدعاء وحده بل يضيفون إليه دعاء ثانيا يتضمن التماس الوفاء من الله بوعده الصادق، وإدخال المؤمنين إلى جنات عدن وها