هنا لا يقصرون الدعاء على المؤمنين وحدهم، بل يدرجون في دعائهم ويدمجون فيه كل من صلح من آباء المؤمنين، وأزواج المؤمنين، وذريات المؤمنين، سائلين لهم من الله جميعا الرضى والرضوان، والالتحاق بهم في جنات عدن، تتميما للنعمة عليهم، بجمع الشمل في دار البقاء، بعد انتشاره في دار الفناء:{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وقوله تعالى على لسان الملائكة:{وَمَنْ صَلَحَ}، إخراج لمن لم يكن من الصالحين من آباء المؤمنين أو أزواجهم أو ذرياتهم، فهؤلاء لا يلحقون بهذا الركب في الآخرة، بعدما فارقوه عقيدة وسلوكا، طيلة حياتهم وهم في الدنيا، {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}(٤٦: ١١)، {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}(١٠١: ٢٣).
ويختم حملة العرش من الملائكة دعائهم المستجاب في الملأ الأعلى لخير المؤمنين، بالتضرع إلى الله أن يحول بين هؤلاء وبين ارتكاب السيئات، وأن يحميهم من العثار في مزالقها والسقوط في مهاويها، مبينين أن وقاية الله للمؤمن من ارتكاب السيئات تعد أجل رحمة وأعظم فوز، إذ إن السيئة تدعو إلى مثلها حتى تجر صاحبها إلى الهلاك والبوار، ويكون من أهل النار:{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وقوله تعالى هنا: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ