للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ، فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا}.

وجاء تعقيب الآيات على قصة فرعون، وخطته الماكرة للقضاء على موسى والتخلص من دعوته، بما يؤكد فشل خطة فرعون ورجاله بدءا وختاما، وذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ، وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ}، وقوله تعالى من قبل: {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}.

ويبرز كتاب الله في وسط هذه المعركة القائمة بين الحق والباطل، ما تركته دعوة موسى- رغما من مقاومة فرعون ورجاله- من الأثر العميق والحميد بين آل فرعون أنفسهم وبعض قرابته الأقربين، فالبذرة الصالحة متى وجدت تربة طيبة أسرثت إلى النمو فورا، ذلك أن رجلا من آل فرعون قد شرح الله صدره للإيمان بما جاء به موسى من عند الله، لكنه كتم إيمانه عن فرعون فترة من الزمن، ولم يعلنه لأحد من الناس، وبدافع من إيمانه الخفي المكتوم أخذ على عاتقه الدفاع عن موسى حتى لا يناله أذى فرعون، وبسبب تدخله لم يقدم فرعون على تنفيذ حكم الإعدام في موسى، بل إن هذا المؤمن من آل فرعون مضى في سبيل الدفاع عن عقيدته الإيمانية الجديدة خطوة أبعد، فأخذ يمهد السبيل ويهيئ الجو، حتى يتمكن موسى من أن ينشر دعوته بين الناس وهو آمن على نفسه وعلى دعوته، دون مضايقة ولا متابعة، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>