وينص كتاب الله على أن مؤمن آل فرعون - وإن كان لم يعلن إيمانه بموسى في الحين - فقد تولى بنفسه نشر جزء مهم من دعوة موسى بين أعضاء الحاشية التابعة لفرعون، بصفة أنه مجرد " ناصح لقومه أمين " لا بصفة كونه تابعا من أتباع موسى وصحبه، وذلك ما تحكيه الآيات الكريمة على لسان " مؤمن آل فرعون " نفسه إذ يقول: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا}، {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}، {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}.
ومؤمن آل فرعون باختياره لهذا التعبير بالخصوص وهو:{اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ}، كان يقصد، من بعيد، إبطال ما ادعاه فرعون أمام قومه عندما قال لهم مضللا مزورا:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}، وذلك لنقض ادعائه الباطل، وهكذا أيد الله موسى وهو يصارع فرعون ويقارعه، فلم تذهب دعوته سدى، ورزقته العناية الإلهية من بين آل فرعون أنفسهم سندا ومددا.