وفيه دعوة عامة إلى جميع أهل الكتاب على اختلاف كتبهم ومللهم للدخول في الإسلام، الذي هو الدين الوحيد العام، والتنازل عن جميع الفوارق والخرافات والأوهام.
وفيه علاوة على ذلك-عودا على بدء-حديث جديد عن إبراهيم الخليل، وبراءته من اليهودية والنصرانية، فضلا عن الشرك والوثنية، وإثبات سند الإسلام المتصل بإبراهيم ورسالته، وكون الإسلام مجرد تجديد وإحياء لملته {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}
والآن فلنوضح ما يسمح به الوقت من الآيات البينات.
فقوله تعالى:{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} جاء عقب الإشارة إلى أن الله قد بعثه إلى بني إسرائيل رسولا مصدقا لما بين يديه من التوراة، وليحل لهم، رحمة بهم، بعض الذي كان قد حرم عليهم قبل بعثته، مما وقع تحريمه عليهم عقابا لهم وتأديبا.
وقد أشارت الآيات السابقة في آخر الربع الماضي إلى المعجزات التي أيد الله بها عيسى، مما هو متناسب ومنسجم مع طبيعة المعجزة التي برزت في ميلاده من أم عذراء وبغير أب {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ - وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}.
غير أن جميع هذه الدلائل التي جاء بها عيسى على قوتها لم