للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تؤثر في عقول بني إسرائيل، ولم تزعزعهم عن موقف التعصب والعناد إزاء عيسى ورسالته {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} فلم يلبث عيسى عليه السلام أن أحس منهم الكفر وأخذ يبحث عمن يناصره ويسانده، لا جبنا ولا خوفا، ولكن ليجد عونا على تبليغ الرسالة، وأداء الأمانة، وذلك هو قوله تعالى على لسان عيسى وحكاية عنه: (قَالَ: مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ؟)

فما كان من العناية الإلهية إلا أن وفقت فريقا منهم للإيمان بعيسى، كما وفقت الأنصار من الأوس والخزرج إلى بيعة رسول الله ومناصرته في السراء والضراء، وطاعته في المنشط والمكره، وذلك قوله تعالى حكاية عن حواريي عيسى {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.

فها هنا نضع اليد مرة أخرى على الوحدة القائمة بين رسالات الرسل ومواقف أتباعهم الصادقين، ونجد هذه الوحدة بارزة حتى في الألقاب والأسماء والاصطلاحات، فأتباع عيسى عليه السلام يسميهم القرآن (أنصارا) كما سمى أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم الذين بايعوه على النصرة، من الأوس والخزرج، أنصارا {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ}.

وكما نسمي نحن أنفسنا (مسلمين) فقد سمى الحواريون أنفسهم بنفس الاسم، إبرازا للصفة المهيمنة على حياة المؤمنين، والموجهة لهم في جميع أعمالهم وتصرفاتهم، ألا وهي صفة الطاعة المطلقة، والامتثال الكامل، والتسليم لتوجيهات الله وتعليماته في

<<  <  ج: ص:  >  >>