يحاولونه في آخر ساعة من تدارك للإيمان، بعد فوات الأوان، {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}.
ومن جملتها ما ينتظر المكذبين بالله وكتبه ورسله من الوعيد الشديد في الدار الآخرة، {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.
وأول آية من هذا الربع هي خطاب من الله تعالى لنبيه يلقن فيها رسوله كيف ينبغي له أن يرد على المشركين، مسفها سعيهم لحمله على مهادنة الشرك وعدم التعرض لعبادة الأصنام والأوثان، وقاطعا لهم كل أمل في الإبقاء على المعتقدات الزائغة التي يدينون بها، والتقاليد الزائفة التي يقدسونها، وهذه الآية تتضمن في نفس الوقت بيان السبب الرئيسي الذي من أجله أشهر الرسول عليه الصلاة والسلام حربا شعواء على الشرك والمشركين، فقد أنزل الله عليه من البينات الصارخة، والحجج القارعة، منذ اختاره رسولا إلى العالمين، ما يهدم صروح الشرك، ويدك قلاع المشركين، وقد أمره الله أن يحرر البشرية كلها من أغلال الشرك بالله، وأن يعيدها إلى فطرتها الأولى، وهي الإسلام والاستسلام لله، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}(٣٠: ٣٠)، وذلك قوله تعالى مخاطبا لنبيه وملقنا:{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.