للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكثرهم- بما لله من أسرار وآثار في نشأتهم الأولى ونشأتهم الآخرة، وما يتقلبون فيه من حالات وأطوار، قبل خروجهم من بطون أمهاتهم وحلولهم بهذه الدار، إذ إنهم على الرغم من مشاهدتهم لقصة الحياة والموت على مر الأيام، وعلى الرغم من عجزهم البالغ أمام هذه القصة السرمدية، المتكررة في كل لحظة وثانية، وعلى الرغم من جهلهم الفاضح بأسرارها وأطوارها، وبدايتها ونهايتها، لا يتذكرون ولا يعتبرون، وفي آيات الله البارزة، وحججه البالغة، لا يزالون يجادلون، وذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ}.

وقوله تعالى في نفس هذه الآية: {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} بعد قوله: {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} وقبل قوله: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} فيه إشارة صريحة إلى أن الإنسان متى فكر في مراحل نشأته وحياته وموته بعقل يقظ، وبصيرة نافذة، عرف الله حق المعرفة، وآمن به حق الإيمان، وأحس من أعماق قلبه أنه عاجز أمام القوة الإلهية لا يستطيع لتصرفها ردا ولا دفعا، وأنه مدين لها بكل ملكاته وجوارحه، وبجميع النعم التي يتقلب فيها، وأن الله قد أحسن إليه وفيه صنعا.

وفي هذا الربع آية كريمة لا بد من الوقوف عندها وقفة

<<  <  ج: ص:  >  >>