طريق الباطل، وإعانته على إعداد مشاريع السوء بالنسبة للحاضر والمستقبل، وتزيين جميع ما قام به في الماضي من الأعمال والمساعي المنكرة، واستحسانها ولو بلغت أقصى غاية في الانحراف والشذوذ، فهم لا يقدمون لقرينهم أي نصح، ولا ينيرون له أي طريق من طرق الخير، وإنما يزيدونه خبالا في الفكر، وعماءً في البصيرة، إلى أن يسقط في مهاوي الهلاك، وتحق عليه كلمة العذاب، وذلك قوله تعالى:{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى (١١٢:٦): {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.
وفي نفس هذا السياق جاء كتاب الله بنموذج حي يوضح طريقة دعاة الباطل وقرناء السوء الملازمين لهم، ونوع الدعوات الضالة التي يقومون بها، وينشرونها بين الناس، فقال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}، فهاهم أولاء يدعون الناس لأن يقفلوا آذانهم عن سماع القرآن، أي يدعونهم لمقابلته بالإعراض والإهمال، والعناد وعدم الانقياد، إذ من شأن الإنسان متى أصغى إلى الحق، واستمع إليه بانتباه وروية، أن يتمعن ويتدبر ويتأثر، فإذا لم يستمع إليه كان بنجوة من تأثير الدعوة، وفي مأمن من مفعولها المنتظر، في أغلب الأحيان.