ثم هاهم أولاء يدعون الناس إذا اخترق القرآن أسماعهم ونفذ إليها بالرغم عنهم، أن يلغوا فيه، ومعنى (اللغو) فيه: افتعال الضجيج والصفير والمكاء والتخليط، ومواجهته بالتعييب، والتشكيك، ومقابلته بالجحود والإنكار.
ولقد كانت هذه الطريقة، التي كشف كتاب الله عنها الستار، ولا تزال هي الطريقة التقليدية التي يتبعها دعاة الباطل وقرناؤهم لمحاربة أهل الحق، ومقاومة دعوتهم في كل زمان ومكان، فهم يأمرون أتباعهم المضللين بالابتعاد عن دعاة الحق، وبتفادي الاحتكاك بهم، وعدم غشيان مجالسهم، فإذا أخذت دعوة أهل الحق في الانتشار، رغما عنهم، تصدوا لها بالنقض والتشكيك والمهاترات، وعملوا بكل الوسائل على خنقها وإغراقها في بحر لجي من أمواج الباطل المتراكمة، لعلهم يغلبون الحق عن طريق الباطل، لكن الحق سبحانه وتعالى يتولى دعاة الباطل وقرناءهم، من الكفار فمن دونهم، بما هم أهل له من الخذلان والعقاب والعذاب، وذلك قوله تعالى في نفس السياق:{فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}، أي: أنه تعالى سيجزيهم بشر أفعالهم، وسيء أعمالهم. وبعدما يصفهم كتاب الله بأنهم (أعداء الله) يواصل الحديث عن الجزاء الذي ينتظرهم، {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}.
ثم يشير كتاب الله إلى الحيرة والحسرة التي يكون عليها دعاة الباطل، من الكفر فما دونه، في دار العذاب، إذ يتساءلون