في جهنم عن قرنائهم الذين أعانوهم على الضلال، ضارعين إلى الله أن يريهم مكانهم في جهنم، متمنين على الله أن يكون أولئك القرناء أشد منهم عذابا، بل تحت أقدامهم في الدرك الأسفل من النار، لأنهم زينوا لهم أعمالهم، وأضلوهم ولم ينصحوهم، وذلك قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}. ونقل ابن كثير في تفسيره عن علي بن أي طالب رضي الله عنه أن معنى {اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا}، الوارد في هذه الآية بصيغة المثنى: إبليس من جهة، وابن آدم الذي قتل أخاه من جهة أخرى، واسمه قابيل، فإبليس يدعو بدعوته كل صاحب شرك، وابن آدم القاتل لأخيه يدعو بدعوته كل مرتكب كبيرة، وثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل).
وأما دعاة الحق فمن شأنهم الإيمان بالله، والاستقامة على هداه، والثبات على شرائط الإيمان بجملتها، دون الإخلال بأي شيء منها، وضرب المثل الصالح لغيرهم، بممارسة الأعمال الصالحة، والدعوة إلى الله دون انقطاع، وهم لا يعتزون بغير الإسلام، ولا ينتمون إلى ما سواه من المذاهب والأقوام، ولا يلتزمون نحو غيره بأي التزام، وفي سبيل الدعوة التي يقومون بها ويمارسونها يتحملون الأذى بصدر رحب، فلا يقابلون الإساءة بمثلها، وإنما يدفعون الإساءة بالإحسان، وإن كانوا أبعد الناس عن وصف