للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضعف والهوان، وبذلك يؤثرون على النفوس الجامحة، فتسلس لهم قيادها، وتعود إلى رشدها، وذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: (أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم)، وقال عمر بن الخطاب: (ما عاقبت من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه) ومعنى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن، فإذا أساء إليك أحد كانت (الحسنة) أن تعفو عنه ولا تعامله بالمثل، (والتي هي أحسن): أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، ومعنى {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}: أنك إذا فعلت ذلك صافاك عدوي واقترب منك، وأشبه الولي الحميم، وهذا لا يستلزم أن يصير وليا مخلصا بالمرة، ومعنى قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} ما يلقى هذه الخصلة ويقوم بحقها، أو ما يمتثل هذه الوصية ويعمل بها- وهي مقابلة الإساءة بالإحسان- إلا من تعود على الصبر في معاناة الخلق، على غرار قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٤٣: ٤٢) ومعنى {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}: ما يلقاها إلا ذو نصيب وافر من الخير والتوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>