الذي تصدره قيادة الجيش إلى القوات العاملة فيه، مضمونه أن المؤمن المتشهد مقتنع كل الاقتناع بدينه، ملتزم له فكرا وقولا وعملا، وأنه مرتبط بإلهه ونبيه ارتباطا مستمرا، وأنه معتز بهذا الارتباط، وأنه مفتخر بهذا الانتساب وهذا الالتزام، أمام العالم أجمع، بما فيه من مسلمين وغير مسلمين، وإذا كانت الشهادة بمعناها العادي تتضمن اقتناع الشاهد بمحتواها، وحرصه التام على إبرازها وعدم كتمانها، وامتناعه من إدخال أي تبديل أو تغيير عليها، فما بالك بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، التي هي أم الشهادات جميعا؟
وقوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} دعوة لأهل الكتاب على اختلاف كتبهم ومللهم أولا، ولغيرهم ثانيا، إلى الاجتماع والاتحاد والدخول في حظيرة الإسلام، إذ إنه هو الدين الوحيد المتسلسل، عن طريق الوحي المنزل، إلى كافة الأنبياء والرسل، الذي يجب أن تجتمع عليه الكلمة، دون تفرقة في عقائده، ولا تفاوت بين أتباعه، بل على أساس الوحدة الروحية والإنسانية المجردة، والإجماع على الاعتراف بسلطة الله العليا وبتوجيهه الأسمى، ووضعها فوق كل سلطة وفوق كل توجيه، ثم تحرير عباد الله، من كل تبعية البشر، فمن أجابها فاز بالحسنى، ومن أهملها سقطت حجته وكان مسؤولا عن إهماله أمام الله {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.