وفي الموضوع الرابع وعد كتاب الله المؤمنين خاصة وبني الإنسان عامة، بأن الحق الذي قامت على أساسه السماوات والأرضون، وقامت على أساسه عقيدة القرآن وشريعته وأخلاقه، سيزداد جلاء وظهورا بمرور الأيام، وأن الله تعالى سيرفع الحجاب عن الفكر الإنساني، وسيلهمه أن يكتشف من خفايا الطبيعة وخبايا النفس ما يكون سندا لذلك الحق، ودعامة للإيمان بخالق الخلق، وذلك قوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}، وقد أنجز الله وعده لبني الإنسان، بمقتضى ما وعد به نزول القرآن، فكشف لهم خلال الأربعة عشر قرنا من ظهور الإسلام، ما لم تعرفه البشرية من قبل في عشرات القرون وآلاف السنين، ولا يزال باب الكشف مفتوحا بإذن الله، وفي كل كشف آية جديدة تدل على صدق كتاب الله.
والآن فلنوجز موضوعات الثمن الثاني من هذا الربع، وهو فاتحة (سورة الشورى) المكية:
إن الحديث في فاتحة هذه السورة يتناول بالذكر إثبات الوحي من الله إلى رسوله {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ويتناول استغفار الملائكة للمؤمنين في الأرض:{وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}، ويتناول بيان الحكمة في نزول القرآن:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}،