مدعيا أن ما ناله من الخير بعد الشر إنما ناله عن جدارة واستحقاق، وأنه إنما وصل إليه بمقدرته الفائقة، وعبقريته النادرة المثال، وكأن لسان حاله ينفي أن يكون عليه فيما ناله أي فضل لله أو منة منه سبحانه، بل إنه ليبلغ به البله والبطر والغرور إلى حد أن ينسى نعمة الله عليه ويعرض عنه بالمرة، ويتصرف تصرف من لا يؤمن بقيام الساعة ولا ينتظرها مطلقا، وإذا مر بخاطره أن الساعة آتية - على سبيل الفرض عنده والتقدير- فإنه يعلن بكل تبجح وصفاقة وجه أنه حتى في هذه الحالة لن يكون إلا منعما مكرما، وأنه لن يجد عند ربه إلا الحسنى، لأنه عند نفسه وفي نظره القاصر يتمتع بامتيازات وحصانات خاصة من لدن الله، وهو في تقديره الخاص فوق القانون السماوي والعدل الإلهي، اللذين يسري مفعولهما على بقية الناس، وذلك ما ينطق به قوله تعالى:{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}، ويؤكد قوله تعالى في نفس السياق:{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}.
وفي الموضوع الثالث ورد استفسار القرآن الكريم للكافرين به، ماذا يكون عليه موقفهم عندما يتأكد لهم أنه من عند الله، ويجدون أنفسهم قد ضيعوا فرصة لن تعود، إذ كفروا به وأعرضوا عنه، ويدركون أنهم أخسر الناس صفقة، إذ كانوا أشد الناس