ومثل ذلك الحمل قبل ظهوره، لا يستطيع أن يعرفه الرجل ولا المرأة، فالله سبحانه هو المنفرد بعلم مآل النطفة، هل يترتب عليها إخصاب وإنجاب، أم يترتب عليها شيء مطلقا، ومثل ذلك الحمل قبل وضعه، هل سيوضع حيا أو ميتا، ذكرا أم أنثى، هل سيوضع ليلا أم نهارا؟ هل سيوضع اليوم أو غدا؟ لا يعلم أمره على وجه القطع إلا الله وحده، وذلك قوله تعالى في شأن الأمور الثلاثة:{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، وبمثل هذا المعنى ورد قوله تعالى في سورة الأعراف (١٨٧): {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} وقوله تعالى في سورة الأنعام (٥٩): {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}، وقوله تعالى في سورة الرعد (٨): {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}.
وفي الموضوع الثاني ورد وصف القرآن لأنانية الإنسان، وما هو عليه من شدة الإلحاح والمبالغة في طلب الخير لنفسه، فهو لا يسأم ولا يمل من دعاء ربه لطلب (الخير)، والمراد (بالخير) هنا المال والصحة وما ناسبهما من المطالب العديدة المؤدية إلى السعادة حسبما يتخيلها الإنسان، كما ورد وصفه باليأس والقنوط عندما يمسه أدنى شر أو أذى، بحيث ينقلب في الحين متذمرا ساخطا، قلق الفكر، حرج الصدر، ويكثر من الدعاء والابتهال إلى أقصى حد، حتى إذا كشف الله عنه الضر وأذاقه رحمة من عنده أخذ حينئذ يتبجح ويتكبر، مستعليا بنفسه، معتزا بمكانته،