للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما عنده تنبيها على بعض الأمور، واقتصار على ضرورات المعاش، وأخذا بوظائف الحياة والبقاء)، ثم قال ابن العربي: (واستقر المدى إلى نوح، وهو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، فبعثه الله بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ووظف عليه الواجبات، وأوضح له الآداب في الديانات، ولم يزل ذلك يتأكد بالرسل، ويتناصر بالأنبياء صلوات الله عليهم، واحدا بعد واحد، وشريعة إثر شريعة، حتى ختمها الله بخير الملل، ملتنا، على لسان أكرم الرسل، نبينا صلى الله عليه وسلم، فكان المعنى -أي معنى الآية- أوصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا، يعني في الأصول التي لا تختلف فيها الشرائع، وهي: التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج، والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال، والتزلف إليه بما يرد القلب والجارحة إليه، والصدق، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وتحريم الكفر والقتل والزنا، وتحريم الإذاية للخلق كيفما كانت، وتحريم الاعتداء على الحيوان كيفما كانت، وتحريم اقتحام الدناءات، وما يعود بخرم المروءات، فهذا كله شرع دينا واحدا، وملة متحدة، لم يختلف على ألسنة الأنبياء، وإن اختلفت أعدادهم، وذلك قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، أي: اجعلوه قائما، يريد: دائما مستمرا، محفوظا مستقرا، من غير خلاف فيه، ولا اضطراب عليه، فمن الخلق من وفى بذلك، ومنهم من نكث به، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} (١٠: ٤٨) وختم (ابن العربي) تحليله لهذا الموضوع) قائلا: (واختلفت الشرائع وراء هذا في معان، حسبما أراده الله، مما

<<  <  ج: ص:  >  >>