للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اقتضته المصلحة، وأوجبت الحكمة وضعه في الأزمنة على الأمم، والله أعلم).

ثم مضى كتاب الله يبين السر في موقف العناد الذي يقفه المشركون من الرسول عليه السلام، وأنهم فوجئوا بما اختاره الله له من الرسالة دونهم جميعا: {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}.

وبينت الآيات الكريمة أن الفرقة التي آل إليها أمر أهل الملل والأديان إنما جاءت بعد العلم بالدين الواحد والملة المتحدة، وأن سبب الفرقة بين الملل ليس نابعا من أصل الدين الصحيح، وإنما هو ناشئ عن تأثير الأغراض والشهوات، التي سيطرت على أتباع الديانات، فالفرقة من صنع الناس لا من وحي الدين، {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}، كما بينت الآيات الكريمة أن الشك الذي يوجد عند (أهل الكتاب) ممن عاصروا عهد الرسالة المحمدية، والحيرة التي تتجلى في مواقفهم المتناقضة من الإسلام، يعود الأمر فيهما إلى ما ورثوه عن أسلافهم في الدين، من خلافات واختلافات، أدت بهم إلى الشك في نفس الكتب التي أنزلت عليهم، نظرا لما أصابها من التحريف والتأويل والتدليس، {وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}.

ويخاطب الحق سبحانه وتعالى رسوله، محصنا له من أهواء المشركين، وأهل الكتاب المختلفين المتفرقين، داعيا إياه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>