الآلاف من السنين، وهو لا يزال عاجزا عن فهم هذا النظام العجيب، مشدوها أمام أسراره وعجائبه.
وبين كتاب الله أن الخالق الذي خلق هذه الكائنات والأحياء، وبثها ووزعها في السماوات والأرض قادر على أن يجمعها جميعا في صعيد واحد متى شاء، وفي ذلك مظهر آخر من مظاهر قدرته المبسوطة على كل شيء، ومظاهر علمه المحيط بكل شيء، وذلك قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}، ولفظ (دابة) في هذه الآية حمله ابن كثير على ما يشمل الملائكة والجن والإنس وباقي الحيوانات، بخلاف لفظ (دابة) الوارد في قوله تعالى (٤٥: ٣٥): {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}، فإن معناه قاصر على ما يدب من الكائنات الحية فوق ظهر الأرض.
وقوله تعالى:{وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}، يشير إلى ما يأمر به الحق سبحانه وتعالى عند قيام الساعة من (جمع المخلوقات) كلها عند النشر والحشر والحساب في عرصات القيامة، وفقا لقوله تعالى فيما سبق من هذه السورة (٧): {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}، ولقوله تعالى في سورة التغابن (٩): {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}، ولقوله تعالى في سورة الكهف (٩٩): {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} ولقوله تعالى في سورة آل عمران (٩): {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ