كتاب الله بالتعقيب عليها، مبينا أن لطف الله بالإنسان، ورحمته إياه، لن يمسكهما عن خلقه كلما احتاجوا إليهما، وتوقفوا عليهما، إذ إن رحمته وسعت كل شيء، فقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}، وفي سياق هذه الآية جاءت كلمة (الغيث) بالخصوص، بدلا من كلمة (المطر) التي أكثر استعمالا وشيوعا، إشارة إلى أن الحق سبحانه وتعالى متكفل بأن يغيث عباده ويرحمهم بعد اليأس والقنوط، فينجدهم بإنزال المطر كلما بسطوا أكف الضراعة إليه، سائلين الغوث والنجدة من خالقهم ورازقهم على الدوام، على غرار قوله تعالى في سورة الروم:(٤٩: ٤٨){فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ}.
وقوله تعالى في نفس السياق:{وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}، إشارة إلى أن الحق سبحانه وتعالى لا يتصرف لخلقه إلا بما ينفعهم دنيا وأخرى، فهو (وليهم) الحق، الذي يتولاهم بفضله وإحسانه، والذي يجب أن يتولوه بالسعي إلى مرضاته، والانقياد لأوامره، وهو سبحانه (الحميد) أي المحمود العاقبة في جميع ما يقدر ويفعله، لتوجيه خلقه ومصلحتهم.
ومضى كتاب الله يتحدث عن آيات الله الباهرة في كونه الفسيح، وفي الطليعة: خلق السماوات والأرض وما بثه سبحانه في العالم العلوي والعالم السفلي من كائنات وأحياء لا يحصيها عد، وقد مضى على الإنسان منذ ظهوره على سطح الأرض مئات