بتوجيهاته في مختلف الشؤون، وهم قوامون بالصلاة التي هي عماد الدين، يؤدونها ويؤدون لها حقها، فتنعكس آثارها الظاهرة والباطنة في حياتهم اليومية، وهم كرماء الأيدي لا يبخلون بالإحسان والأنفاق مما رزقهم الله، في وجوه الخير وسبيل المعروف، وهم أعزاء النفوس، لا يتحملون من خصوم الحق أي ضيم أو هوان، بل ينتصفون منهم، وينتصرون للحق وبالحق عليهم، وهم إلى جانب هذا كله، وفي هذا الجو الأخلاقي السليم، والروحي الطاهر، يتشاورون فيما بينهم في شؤونهم العامة، بنفوس طاهرة، وقلوب صافية، ولا غرض لهم من الشورى إلا تحقيق أهداف الإسلام السامية، ولأمر ما أدمجت الآية الكريمة صفة (التشاور بين المسلمين) ضمن مجموعة متناسقة من الصفات الضرورية، التي لا غنى للإسلام عنها، والتي لا يتحقق مدلوله بدونها، ولم تأت بصفة (الشورى) وحدها مجردة عن بقية الصفات، ولا منفصلة عن بقية الشروط، لأن الشورى في نظر الإسلام لا توتي أكلها، ولا تؤدي الغرض منها، إلا إذا كانت تحيطها كافة الضمانات الدينية والأخلاقية والنفسية المطلوبة في أهل الشورى، فهذه الآية الكريمة تعطي للمسلمين التوجيه الكافي، وتضع أيديهم على الصفات الضرورية، والمؤهلات البارزة، المطلوبة فيمن يختارونه ليكون من أهل الشورى، ومما تجب ملاحظته في هذا المقام - ونحن في سورة الشورى المكية- أن الشورى في الإسلام كانت من عقائده الأساسية التي برز بها وهو لا يزال في نفس مكة، والإسلام إذ ذاك لم يتمكن بعد من إقامة دولته الأولى بالمدينة المنورة، فعقيدة